الوصف

أو حكاية الشرجان شاف الركراكي بن حماد (سيرة روائية)

«سارت الأيام في القرية كما باقي القرى الأخرى، أيام صعبة و قاسية يتوقع الناس أحداثا قد تأتي في أي وقت، لكن، لا يعرفون طبيعتها و حجمها. هذا الصباح، سيظل خالدا في ذاكرتي، لم يكن كباقي الصباحات التي تعودنا عليها، كنت في العشرين من العمر أو أقل، أو ربما تجاوزتها بقليل، لكن قساوة الحياة جعلتني أبدو أكبر بكثير. كنا معا جماعة من شباب القرية جالسين قريبا من المسجد، فجأة لا نعرف من أين حضروا و كيف ظهروا كما لو أن الأرض انفتحت وخرجوا منها، لا أذكر عددهم، توقفت الشاحنة، ترجل منها شخصان اقتربا منا.. ما أذكره أنهم يرغبون في تجنيدنا، قال أحدهم إن المسؤولين الفرنسيين سيقدمون لنا تعويضات كبيرة، بدت لنا سخية، وكل من تطوع في الجيش الفرنسي سيحصل على امتيازات كثيرة؛ كاللباس والطعام و المال… تبادلنا النظرات، بدا الأمر مغريا كثيرا، خاصة الذهاب إلى المدينة التي نسمع بها دون أن نتجول فيها يوما. لم نفكر طويلا، الكثير من الشباب ممن كان جالسا معنا وافق على هذا الاقتراح، دون استشارة ذويه، الجميع كان يريد الهروب من واقع القرية القاسي، شهور طويلة من الجفاف وقسوة الحياة جعلتنا نقبل بالعرض…